مستقبل أخضر.. جهود لمكافحة التصحر بزراعة 15 ألف شجرة في الموصل

مستقبل أخضر.. جهود لمكافحة التصحر بزراعة 15 ألف شجرة في الموصل
تزامنًا مع حملة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإطلاق أكبر مبادرة تشجير في العراق، تسلط الضوء على الفرق والمؤسسات التطوعية التي أسهمت - ولا تزال - في دعم جهود التشجير وحماية البيئة. كما تركز هذه المؤسسات على تعزيز اخضرار البلاد، وتعلن اليوم جاهزيتها للمشاركة في الحملة الواسعة للتشجير. 


وفي العام 2017، وفي خضم معارك تحرير مدينة الموصل، انطلقت مؤسسة “مثابرون للخير للبيئة والتنمية” على شكل فريق تطوعي، انطلقت المؤسسة استجابة للحاجة الملحة لدعم النازحين، فكان هدفها الأساسي في تلك المرحلة تقديم المساعدات الإغاثية والصحية للأسر المتضررة، كان للفريق دور حيوي في دعم الأسر الناجية، سواء من خلال تقديم المساعدات الغذائية والمادية أو الدعم النفسي والمعنوي، وأسهموا بشكل فعّال في تعزيز الاستقرار في المناطق المحررة من آثار الحرب. اليوم تكون "مثابرون" من أوائل الفرق التي تشارك في حملة التشجير بعد سنوات من العطاء وزراعة البلاد. 

إعادة الحياة بالزراعة 
يوضح عبدالعزيز آل صالح، وهو مدير الموارد البشرية في المؤسسة، أنه لم يكن مشروع المؤسسة هو فقط عملية تنظيف الموصل من الركام، بل المساهمة بإعادتها الحياة كذلك. فعملوا على زراعة أكثر من 2000 شجرة حول مراكز الموصل، في خطوة تهدف إلى تحسين البيئة المحيطة بها وتعزيز الوعي البيئي بين السكان، كما أسهمت هذه الجهود في توفير مساحات أكثر صحية وجمالاً، مما ساعد على إحياء الأحياء المتضررة وإعادة الأمل إلى قاطنيها. وبيَّن آل صالح إلى جانب جود الإغاثة وإعادة الإعمار، نفذت المؤسسة سلسلة من المشاريع البيئية الهادفة، حيث كانت جزءاً من مشروع “الموصل الخضراء”، الذي سعى إلى زراعة 11 ألف شجرة في عدة مناطق بمحافظة نينوى، بهدف تعزيز الغطاء النباتي واستعادة المساحات الخضراء ومكافحة التغيرات المناخية.

"أطلقنا مشروع “الطريق الأخضر”، الذي تمكّنا من خلاله من زراعة أكثر من 2000 شجرة على طول المناطق المحاذية لمدخل مدينة الموصل من الجهة الجنوبية، وفي عام 2022، وبعد تعرض غابات الموصل للحرائق خلال صيف تموز، أطلقنا مشروعًا لإعادة إحياء تلك الغابات، حيث تم فيه زراعة ما يقارب 3000 شجرة، في محاولة لإعادة الحياة إلى هذه المنطقة الحيوية" يوضح آل صالح
المزيد من الأشجار لأجل البلاد 
بالإضافة إلى ذلك، نفذت "مثابرون" حملة “نتطوع لأجل مستقبل أخضر”، حيث تمت زراعة 1850 شجرة في 63 مدرسة بالتعاون مع ثلاث منظمات مختلفة في مدينة الموصل، إلى جانب حملات تشجير تطوعية أخرى في المدارس بدعم من المجتمع المحلي.

وبيَّن عبد العزيز، أنه وفي عام 2018، أطلق الفريق المتكون من متطوعين شباب غايتهم زراعة وتنظيف مدينتهم، مشروع رفع الأنقاض أو ما يسمى "بثورة الدنابر" في خطوة تعكس التزامهم نحو إعادة بناء الموصل، حيث تولى الفريق مهمة رفع الأنقاض من الأحياء السكنية في المدينة القديمة، التي كانت تحول دون عودة السكان إلى منازلهم، كان هذا المشروع بمثابة خطوة محورية في إعادة إعمار المدينة وإعادة الحياة إلى شوارعها المهجورة. وبعد النجاح الذي تحقق في مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار، نفذ متطوعو وأعضاء المؤسسة مشروعًا آخر يحمل عنوان “العودة للحياة”. استهدف المشروع تنظيف وتعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية المرافق الحيوية مثل مراكز الرعاية الصحية والمدارس والأماكن العامة في ستة أحياء بغرب مدينة الموصل.
وفي عام 2020، حقق فريق “مثابرون للخير” خطوة مهمة في مسيرته، حيث تم تسجيله رسمياً في وزارة الشباب والرياضة ليصبح أول فريق تطوعي يحصل على هذا الاعتراف الرسمي، ولم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل تم تسجيل الفريق في ما بعد كمنظمة غير حكومية رسمية لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ضمن دائرة المنظمات غير الحكومية.

وبهذه الخطوة، انتقل الفريق من كونه مجموعة تطوعية إلى منظمة معترف بها رسمياً، مما أتاح توسيع نطاق عملها وزيادة تأثيرها في المجتمع، وتواصل تنفيذ مشاريعها التنموية والبيئية بكل كفاءة.
ولم تقتصر جهود المؤسسة كما بيَّن عبد العزيز،على الزراعة فقط، بل نظمت العديد من الجلسات التوعوية حول مخاطر تلوث نهر دجلة بالتعاون مع الحكومة المحلية والجهات ذات الصلة، وذلك بهدف رفع مستوى الوعي المجتمعي حول أهمية الحفاظ على هذا المورد المائي الحيوي. وأضاف بحديثه قائلاً: "أحدث مبادرات مؤسسة “مثابرون للخير” كانت مبادرة “شجر”، التي أطلقت في العام الماضي وحققت نجاحاً ملحوظاً من خلال زراعة أكثر من 15 ألف شجرة، حيث اعتمدنا من خلال هذا المشروع “شجر” على العمل التطوعي ودعم المجتمع المحلي بشكل أساسي، مما جعله انموذجاً للتعاون المجتمعي في الحفاظ على البيئة وتعزيز المساحات الخضراء ومكافحة التغيرات المناخية".

وأكد عبد العزيز، أن ما ميز هذا المشروع هو الخطة الطموح التي تمتد على مدى 14 عاماً، حيث يسعون من خلالها على استدامة زراعة الأشجار وتوسيع نطاق المشروع ليشمل المزيد من المناطق في المستقبل. 
وأكمل بحديثه قائلاً: ضمن مبادرة “شجر”، قمنا بتنفيذ عدة حملات في محافظات أخرى، بما في ذلك صلاح الدين، بغداد، وكركوك. استهدفت هذه الحملات توسيع نطاق المشروع خارج حدود نينوى، حيث تمت زراعة عدد كبير من الأشجار في مناطق مختلفة من هذه المحافظات.
أنواع الأشجار المزروعة 
في مشاريعهم الحالية وضمن مبادرة رئيس الوزراء لحملة التشجير، أوضح عبد العزيز أن أكثر ما تعتمد على زراعته مؤسسة مثابرون، هو أنواع من الأشجار التي تتناسب مع مناخ العراق، ومن أبرزها شجرة اليوكاليبتوس، النبك (السدر)، الألبزيا، اللوسينيا، والأثل، بالإضافة إلى أنواع أخرى. 

هذه الأنواع أثبتت قدرتها على التكيف مع البيئة المحلية والمساهمة في تحسين جودة الهواء وتخفيف آثار التصحر. وأكمل قائلاً: "في ما يتعلق بالدعم، فالحكومة تقدم لنا التسهيلات لتنفيذ المشاريع، لكن الاعتماد الأكبر في تمويل المبادرات يأتي من المجتمع، في السنوات الأخيرة، لاحظنا تزايداً في دعم وتشجيع المجتمع لمبادراتنا، خاصة بعد أن أصبح الناس يشعرون بجدية التحديات البيئية مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التصحر، هذا الوعي المجتمعي المتزايد أسهم في تعزيز مشاركة أكبر في حملاتنا".
وذكر أن "مؤسسة مثابرون قامت حتى الآن، بزراعة أكثر من 50 ألف شجرة في مختلف المناطق، وجميع هذه الأشجار تخضع للمتابعة المستمرة لضمان نموها بشكل صحي، ولتعزيز استدامتها، تم تزويد الأشجار بمنظومات الري بالتنقيط، مما أسهم في استخدام المياه بكفاءة وعزز من فرص بقاء هذه الأشجار على المدى الطويل، وشارك بشكل مكثف في مبادرة التشجير واستمر بالعطاء".